الموضع، لأنه بدل من " البصر " الذي هو خبر " يكون ". والمراد بالبصر هاهنا البصيرة، فيصير تقدير الكلام: فالناظر بقلبه، العامل بجوارحه يكون مبتدأ عمله بالفكر والبصيرة، بأن يعلم أعمله له أم عليه!
ويروى: " كالسابل على غير طريق " والسابل: طالب السبيل، وقد جاء في الخبر المرفوع: " من عمل بغير هدى، لم يزدد من الله إلا بعدا " وفى كلام الحكماء: " العامل بغير علم كالرامي من غير وتر ".
* * * الأصل:
واعلم أن لكل ظاهر باطنا على مثاله، فما طاب ظاهره، طاب باطنه، وما خبث ظاهره خبث باطنه، وقد قال الرسول الصادق صلى الله عليه وسلم: " إن الله يحب العبد ويبغض عمله، ويحب العمل ويبغض بدنه ".
* * * الشرح:
هذا الكلام مشتق من قوله تعالى: (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا)، وهو تمثيل ضربه الله تعالى لمن ينجع فيه الوعظ والتذكير من البشر، ولمن لا يؤثر ذلك فيه مثله بالأرض العذبة الطيبة تخرج النبت، والأرض السبخة الخبيثة لا تنبت، وكلام أمير المؤمنين عليه السلام إلى هذا المعنى يومئ. يقول: إن لكلتا حالتي الانسان الظاهرة أمرا باطنا يناسبها من أحواله، والحالتان الظاهرتان: ميله إلى العقل وميله إلى الهوى، فالمتبع لمقتضى عقله يرزق السعادة والفوز، فهذا هو الذي طاب