شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٩ - الصفحة ١٦٦
البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها) (1).
ثم قال: من أتاها من غير أبوابها سمى سارقا، وهذا حق ظاهرا وباطنا، أما الظاهر فلان من يتسور البيوت من غير أبوابها هو السارق، وأما الباطن فلان من طلب العلم من غير أستاذ محقق فلم يأته من بابه، فهو أشبه شئ بالسارق.
* * * [ذكر الأحاديث والأخبار الواردة في فضائل على] واعلم أن أمير المؤمنين عليه السلام لو فخر بنفسه، وبالغ في تعديد مناقبه وفضائله بفصاحته، التي آتاه الله تعالى إياها، واختصه بها، وساعده على ذلك فصحاء العرب كافة، لم يبلغوا إلى معشار ما نطق به الرسول الصادق صلوات الله عليه في أمره، ولست أعني بذلك الأخبار العامة الشائعة التي يحتج بها الامامية على إمامته، كخبر الغدير، والمنزلة، وقصة براءة، وخبر المناجاة، وقصة خيبر، وخبر الدار بمكة في ابتداء الدعوة، ونحو ذلك، بل الأخبار الخاصة التي رواها فيه أئمة الحديث، التي لم يحصل أقل القليل منها لغيره، وأنا أذكر من ذلك شيئا يسيرا مما رواه علماء الحديث الذين لا يتهمون فيه، وجلهم قائلون بتفضيل غيره عليه، فروايتهم فضائله توجب سكون النفس مالا يوجبه رواية غيرهم.
* * * الخبر الأول: " يا علي، إن الله قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب إليه منها، هي زينة الأبرار عند الله تعالى، الزهد في الدنيا، جعلك لا ترزأ من الدنيا شيئا (2)، ولا ترزأ الدنيا منك شيئا، ووهب لك حب المساكين، فجعلك ترضى بهم أتباعا، ويرضون بك إماما ".

(١) سورة البقرة ١٧٧.
(2) ترزأ: تأخذ.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست