ظاهره، وطاب باطنه، والمتبع لمقتضى هواه وعادته ودين أسلافه يرزق الشقاوة والعطب، وهذا هو الذي خبث ظاهره وخبث باطنه.
فإن قلت: فلم قال: " فما طاب "؟ وهلا قال: " فمن طاب "! وكذلك في " خبث ".
قلت: كلامه في الأخلاق والعقائد وما تنطوي عليه الضمائر، يقول: ما طاب من هذه الأخلاق والملكات، وهي خلق النفس الربانية المريدة للحق، من حيث هو حق، سواء كان ذلك مذهب الاباء والأجداد أولم يكن، وسواء كان ذلك مستقبحا مستهجنا عند العامة أولم يكن، وسواء نال به من الدنيا حظا أو لم ينل. يستطيب باطنه يعنى ثمرته، وهي السعادة، وهذا المعنى من مواضع " ما " لا من مواضع " من ".
فأما الخبر المروى (1) فإنه مذكور في كتب المحدثين، وقد فسره أصحابنا المتكلمون فقالوا: إن الله تعالى قد يحب المؤمن ومحبته له إرادة إثابته، ويبغض عملا من أعماله وهو ارتكاب صغيرة من الصغائر، فإنها مكروهة عند الله، وليست قادحة في إيمان المؤمن، لأنها تقع مكفرة، وكذلك قد يبغض العبد بأن يريد عقابه، نحو أن يكون فاسقا لم يتب، ويحب عملا من أعماله، نحو أن يطيع ببعض الطاعات، وحبه لتلك الطاعة، هي إرادته تعالى أن يسقط عنه بها بعض ما يستحقه من العقاب المتقدم.
* * * الأصل:
واعلم أن لكل عمل نباتا، وكل نبات لا غنى به عن الماء، والمياه مختلفة فما طاب سقيه، طاب غرسه وحلت ثمرته، وما خبث سقيه، خبث غرسه وأمرت ثمرته.