ويقهر الدول، ويمهد الأرض، كما ورد في قوله: " لا يبصر القائف " أي هو في استتار شديد لا يدركه القائف، وهو الذي يعرف الآثار، والجمع " قافة "، ولا يعرف أثره ولو استقصى في الطلب، وتابع النظر والتأمل.
ويقال: شحذت السكين أشحذه شحذا، أي حددته، يريد ليحرضن في هذه الملاحم قوم على الحرب وقتل أهل الضلال، ولتشحذن عزائمهم كما يشحذ الصيقل السيف، ويرقق حده.
ثم وصف هؤلاء القوم المشحوذي العزائم، فقال: تجلى بصائرهم بالتنزيل، أي يكشف الرين والغطاء عن قلوبهم بتلاوة القرآن وإلهامهم تأويله ومعرفة أسراره.
ثم صرح بذلك فقال: " ويرمى بالتفسير في مسامعهم "، أي يكشف لهم الغطاء، وتخلق المعارف في قلوبهم، ويلهمون فهم الغوامض والاسرار الباطنة، ويغبقون كأس الحكم بعد الصبوح، أي لا تزال المعارف الربانية والاسرار الإلهية تفيض عليهم صباحا ومساء، فالغبوق كناية عن الفيض الحاصل لهم في الآصال، والصبوح كناية عما يحصل لهم منه في الغدوات، وهؤلاء هم العارفون الذين جمعوا بين الزهد والحكمة والشجاعة، وحقيق بمثلهم أن يكونوا أنصارا لولي الله الذي يجتبيه، ويخلقه في آخر أوقات الدنيا، فيكون خاتمة أوليائه، والذي يلقى عصا التكليف عنده.
* * * الأصل:
ومنها:
وطال الأمد بهم ليستكملوا الخزي، ويستوجبوا الغير، حتى إذا اخلولق