من منقطع إلى الدنيا: لا هم له غيرها. راكن: مخلد إليها، قال الله تعالى:
﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا﴾ (1) أو مفارق للدين مباين (2): مزايل.
فإن قلت: أي فرق بين الرجلين؟ وهل يكون المنقطع إلى الدنيا إلا مفارقا للدين؟
قلت: قد يكون في أهل الضلال من هو مفارق للدين مباين، وليس براكن إلى الدنيا ولا منقطع إليها، كما نرى كثيرا من أحبار النصارى ورهبانهم.
فإن قلت: أليس هذا (3) الفصل صريحا في تحقيق مذهب الإمامية؟
قلت: لا، بل نحمله على أنه عنى عليه السلام أعداءه الذين حاربوه من قريش وغيرهم من أفناء العرب، في أيام صفين، وهم الذين نقلوا البناء، وهجروا السبب، ووصلوا غير الرحم، واتكلوا على الولائج، وغالتهم السبل، ورجعوا على الأعقاب، كعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، ومروان بن الحكم، والوليد بن عقبة، وحبيب بن مسلمة، وبسر بن أرطاة، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وحوشب، وذي الكلاع، وشرحبيل ابن السمط (4)، وأبى الأعور السلمي، وغيرهم ممن تقدم ذكرنا له في الفصول المتعلقة بصفين وأخبارها، فإن هؤلاء نقلوا الإمامة عنه عليه السلام إلى معاوية، فنقلوا البناء عن رص أصله إلى غير موضعه.
فإن قلت: لفظ الفصل يشهد بخلاف ما تأولته، لأنه قال عليه السلام: حتى إذا قبض الله رسوله رجع قوم على الأعقاب، فجعل رجوعهم على الأعقاب عقيب قبض الرسول صلى الله عليه وآله، وما ذكرته أنت كان بعد قبض الرسول بنيف وعشرين سنة!
قلت: ليس يمتنع أن يكون هؤلاء المذكورون رجعوا على الأعقاب، لما مات رسول الله صلى الله عليه وآله، وأضمروا في أنفسهم مشاقة أمير المؤمنين وأذاه، وقد كان فيهم من