شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٨٢
قال نصر: وحدثنا عمر بن سعد، قال: لما أسرع أهل العراق في أهل الشام، قال لهم معاوية: هذا يوم تمحيص، وإن لهذا اليوم ما بعده، وقد أسرعتم في القوم كما أسرعوا فيكم، فاصبروا وموتوا كراما. وحرض علي عليه السلام أصحابه فقام إليه الأصبغ بن نباتة وقال: يا أمير المؤمنين، قدمني في البقية من الناس، فإنك لا تفقد لي اليوم صبرا ولا نصرا، أما أهل الشام فقد أصبنا منهم، وأما نحن ففينا بعض البقية، ائذن لي فأتقدم، فقال له: تقدم على اسم الله والبركة، فتقدم وأخذ الراية ومضى بها، وهو يقول:
إن الرجاء بالقنوط يدمغ * حتى متى يرجو البقاء الأصبغ!
أما ترى أحداث دهر تنبغ * فأدبغ هواك، والأديم يدبغ والرفق فيما قد تريد أبلغ * اليوم شغل، وغدا لا تفرغ فما رجع إلى علي عليه السلام حتى خضب سيفه دما ورمحه. وكان شيخا ناسكا عابدا، وكان إذا لقى القوم بعضهم بعضا يغمد سيفه، وكان من ذخائر علي عليه السلام ممن قد بايعه على الموت، وكان علي عليه السلام يضن به عن الحرب والقتال (1).
قال نصر: وحدثنا عمرو بن شمر، عن جابر قال: نادى الأشتر يوما أصحابه، فقال: أما من رجل يشرى نفسه لله! فخرج أثال بن حجل بن عامر المذحجي فنادى بين العسكرين: هل من مبارز؟ فدعا معاوية - وهو لا يعرفه - أباه حجل بن عامر المذحجي، فقال: دونك الرجل - قال: وكانا مستبصرين في رأيهما - فبرز كل واحد منهما إلى صاحبه، فبدره بطعنة وطعنه الغلام، وانتسبا فإذا هو ابنه، فنزلا فاعتنق كل

(1) صفين 502، 503.
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303