شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٣٩
قد جمع لهم ملك الروم قضه وقضيضه، وجيشه ولفيفه واستكثر من الأكراد العتمرية، ومن عساكر الشام وجند حلب، فيقال: إنه جمع مائة ألف فارس وراجل، فلقيه التتار في عشرين ألفا، فجرت بينه وبينهم حروب شديدة قتلوا فيها مقدمته، وكانت المقدمة كلها أو أكثرها من رجال حلب، وهم أنجاد أبطال فقتلوا عن آخرهم، وانكسر العسكر الرومي وهرب صاحب الروم حتى انتهى إلى قلعه له على البحر تعرف بأنطاكية، فاعتصم بها وتمزقت جموعه، وقتل منهم عدد لا يحصى، ودخلت التتار إلى المدينة المعروفة بقيسارية ففعلوا فيها أفاعيل منكرة من القتل والنهب والتحريق، وكذلك بالمدينة المعروفة بسيواس وغيرها من كبار المدن الرومية، وبخع لهم صاحب الروم بالطاعة، وأرسل إليهم يسألهم قبول المال والمصانعة، فضربوا عليه ضريبة يؤديها إليهم كل سنة، ورجعوا عن بلاده.
وأقاموا على جملة السكون والموادعة للبلاد الاسلامية كلها، إلى أن دخلت سنة ثلاث وأربعين وستمائة. فاتفق أن بعض أمراء بغداد وهو سليمان بن برجم، وهو مقدم الطائفة المعروفة بالإيواء، وهي من التركمان، قتل شحنة من شحنهم في بعض قلاع الجبل يعرف بخليل بن بدر، فأثار قتله أن سار من تبريز عشرة آلاف غلام منهم، يطوون المنازل، ويسبقون خبرهم، ومقدمهم المعروف بجكتاي الصغير، فلم يشعر الناس ببغداد إلا وهم على البلد، وذلك في شهر ربيع الاخر من هذه السنة في فصل الخريف، وقد كان الخليفة المستعصم بالله، أخرج عسكره إلى ظاهر سور بغداد على سبيل الاحتياط، وكان التتر قد بلغهم ذلك إلا أن جواسيسهم غرتهم، وأوقعت في أذهانهم أنه ليس خارج السور إلا خيام مضروبة وفساطيط مضروبة، لا رجال تحتها، وأنكم متى أشرفتم عليهم ملكتم سوادهم وثقلهم ويكون قصارى أمر قوم قليلين تحتها أن ينهزموا إلى البلد، ويعتصموا بجدرانه، فأقبلت
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303