ابن أبي طالب عليه السلام وعقيلا أخاه وحسنا وحسينا عليهما السلام، وعمارا، فإنهم خرجوا معه يشيعونه فجعل الحسن عليه السلام يكلم أبا ذر، فقال له مروان:
إيها يا حسن! ألا تعلم أن أمير المؤمنين قد نهى عن كلام هذا الرجل! فإن كنت لا تعلم فاعلم ذلك، فحمل علي عليه السلام على مروان فضرب بالسوط بين أذني راحلته، وقال:
تنح لحاك الله إلى النار!
فرجع مروان مغضبا إلى عثمان: فأخبره الخبر، فتلظى على علي عليه السلام، ووقف أبو ذر فودعه القوم، ومعه ذكوان مولى أم هانئ بنت أبي طالب.
قال ذكوان: فحفظت كلام القوم - وكان حافظا - فقال علي عليه السلام: يا أبا ذر، إنك غضبت لله! إن القوم خافوك على دنياهم، وخفتهم على دينك. فامتحنوك بالقلى، ونفوك إلى الفلا، والله لو كانت السماوات والأرض على عبد رتقا، ثم اتقى الله لجعل له منها مخرجا. يا أبا ذر لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشنك إلا الباطل. ثم قال لأصحابه:
ودعوا عمكم وقال لعقيل ودع أخاك.
فتكلم عقيل، فقال ما عسى أن نقول يا أبا ذر وأنت تعلم أنا نحبك، وأنت تحبنا!
فاتق الله، فإن التقوى نجاة، واصبر فإن الصبر كرم، وأعلم أن استثقالك الصبر من الجزع، واستبطاءك العافية من اليأس، فدع اليأس والجزع.
ثم تكلم الحسن فقال: يا عماه، لولا أنه لا ينبغي للمودع أن يسكت، وللمشيع أن ينصرف، لقصر الكلام وإن طال الأسف، وقد أتى القوم إليك ما ترى فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها، وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها، واصبر حتى تلقى نبيك صلى الله عليه وآله وهو عنك راض.
ثم تكلم الحسين عليه السلام فقال: يا عماه، إن الله تعالى قادر أن يغير ما قد ترى،