وذكر أهلها، ونحن نذكر كلمات وردت عن الحكماء والصالحين تناسبها، على عادتنا في إيراد الأشباه والنظائر.
قال بعض الصالحين: ما أدرى كيف أعجب من الدنيا! أمن حسن منظرها وقبح مخبرها، أم من ذم الناس لها، وتناحرهم عليها!
قيل لبعضهم: كيف أصبحت؟ قال: آسفا على أمسى، كارها ليومي، متهما لغدي.
قيل لأعرابي: كيف ترى الدهر؟ قال: خدوعا خلوبا، وثوبا غلوبا.
قيل لصوفي: لم تركت الدنيا؟ قال: لأني منعت صفوها، وامتنعت من كدرها.
وقيل لآخر: لم تركت الدنيا؟ قال: لأني عدمت الوسيلة إليها إلا بعشقها، وأعشق ما أكون لها أغدر ما تكون بي. وأنشد لبشر الحافي:
قرير العين لا ولد يموت * ولا حذر يبادر ما يفوت رخي البال ليس له عيال * خلى من حربت ومن دهيت قضى وطر الصبا وأفاد علما * فعاتبه التفرد والسكوت وأكبر همه مما عليه * تذابح من ترى خلق وقوت.
قال أبو حيان: سمعت ابن القصاب الصوفي، يقول: اسمع واسكت، وانظر واعجب، قال ابن المعتز:
مل سقامي عوده * وخان دمعي مسعده وضاع من ليلى غده * طوبى لعين تجده قلت من الدهر يده * يفنى ويبقى أبده والموت ضار أسده * وقاتل من يلده.