حملوا إلى بغداد في الحديد والقد، فجعلوا بيد محمد بن عبد الله بن طاهر، ومعهم غلام للموفق يقال له فتح السعيدي، فكانوا كذلك إلى شوال من سنة اثنتين وسبعين ومائتين، فكانت للزنج حركة بواسط، وصاحوا: أنكلاني، يا منصور! وكان الموفق يومئذ بواسط، فكتب إلى محمد بن عبد الله، والى فتح السعيدي يأمرهما بتوجيه رؤوس الزنج الذين في الأسر إليه، فدخل فتح السعيدي إليهم، فجعل يخرج الأول فالأول فيذبحه على البالوعة كما تذبح الشاة، وكانوا خمسة: أنكلاني بن الناجم، وعلي بن أبان المهلبي، وسليمان بن جامع، وإبراهيم بن جعفر الهمذاني، ونادر الأسود، وقلع رأس البالوعة وطرحت فيها أبدانهم، وسد رأسها، ووجه برؤوسهم إلى الموفق فنصبها بواسط، وانقطعت حركة الزنج، ويئس منهم.
ثم كتب الموفق إلى محمد بن عبد الله بن طاهر في جثث هؤلاء الخمسة، فأمر بصلبهم بحضرة الجسر، فأخرجوا من البالوعة، وقد انتفخوا وتغيرت روائحهم، وتقشرت جلودهم، فصلب اثنان منهم على جانب الجسر الشرقي وثلاثة على الجانب الغربي، وذاك لسبع بقين من شوال من هذه السنة وركب محمد بن عبد الله بن طاهر، وهو أمير بغداد يومئذ بنفسه حتى صلبوا بحضرته، وقد قال الشعراء في وقائع الزنج فأكثروا كالبحتري وابن الرومي وغيرهما، فمن أراد ذلك فليأخذه من مظانه.
* * *