فوجد الزنج قد كانوا قطعوا قنطرة قديمة أعجمية، كانت بين سوق الأهواز ورمهرمز، يقال لها قنطرة أربق، فامتنع التجار ومن كان يحمل الميرة من الورود، لقطع تلك القنطرة فركب أبو أحمد إليها، وهي على فرسخين من سوق الأهواز، فجمع من كان في العسكر من السودان، وأخذهم بنقل الصخر والحجارة لإصلاح هذه القنطرة، وبذل لهم من أموال الرعية، فلم يرم حتى أصلحت في يومه ذلك، وردت إلى ما كانت عليه، فسلكها الناس، ووافت القوافل بالميرة، فحيى أهل العسكر، وحسنت أحوالهم، وأمر بجمع السفن لعقد الجسر على دجيل الأهواز، فجمعت من جميع الكور، وأقام بالأهواز أياما حتى أصلح أصحابه أمورهم، وما احتاجوا إليه من آلاتهم، وحسنت أحوال دوابهم، وذهب عنها ما كان بها من الضر بتأخر الأعلاف، ووافت كتب القوم الذين تخلفوا عن المهلبي، وأقاموا بعده بسوق الأهواز يسألون أبا أحمد الأمان، فأمنهم، فأتاه منهم نحو ألف رجل فأحسن إليهم، وضمهم إلى قواد غلمانه، وأجرى لهم الأرزاق، وعقد الجسر على دجيل الأهواز، ورحل بعد أن قدم جيوشه أمامه، وعبر دجيلا، فأقام بالموضع المعروف بقصر المأمون ثلاثا، وقد كان قدم ابنه أبا العباس إلى نهر المبارك، من فرات البصرة، وكتب إلى ابنه هارون بالانحدار إليه ليجتمع العساكر هناك، ورحل أبو أحمد عن قصر المأمون إلى قورج العباس، ووافاه أحمد بن أبي الأصبغ هنالك بهدايا محمد بن عبد الله الكردي صاحب رامهرمز من دواب ومال (1) ثم رحل عن القورج فنزل الجعفرية، ولم يكن بها ماء وقد كان أنفذ إليها وهو بعد في القورج من حفر آبارها، فأقام بها يوما وليلة، وألفى بها ميرا مجموعة فاتسع الجند بها، وتزودوا منها ثم رحل إلى المنزل المعروف بالبشير، فألفى فيه غديرا من ماء المطر، فأقام به يوما وليلة، ورحل إلى المبارك وكان منزلا بعيد المسافة
(١٧٩)