شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٢٠
فحفرتا فعجل، أحداهما سربا والأخرى مكشوفة، وألقى الحطب في المكشوفة، وفتح بينهما فتحا، وألقى النار في الحطب، فدخن عليهم، وجعل يهتف بهم ويناشدهم ليرجعوا إلى الاسلام، فأبوا، فأمر بالحطب والنار فألقى عليهم، فأحرقوا، فقال الشاعر:
لترم بي المنية حيث شاءت * إذا لم ترمني في الحفرتين إذا ما حشتا حطبا بنار * فذاك الموت نقدا غير دين.
قال: فلم يبرح عليه السلام حتى صاروا حمما.
ثم استترت هذه المقالة سنة أو نحوها، ثم ظهر عبد الله بن سبأ، وكان يهوديا يتستر بالاسلام بعد وفاة أمير المؤمنين عليه السلام فأظهرها واتبعه قوم فسموا السبئية (١)، وقالوا: إن عليا عليه السلام لم يمت، وإنه في السماء، والرعد صوته والبرق صوته، وإذا سمعوا صوت الرعد قالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين! وقالوا في رسول الله صلى الله عليه وآله أغلظ قول، وافتروا عليه أعظم فرية، فقالوا: كتم تسعة أعشار الوحي، فنعى عليهم قولهم الحسن بن علي بن محمد بن الحنفية رضي الله عنه في رسالته، التي يذكر فيها الارجاء رواها عنه سليمان بن أبي شيخ، عن الهيثم بن معاوية، عن عبد العزيز بن أبان، عن عبد الواحد بن أيمن المكي، قال: شهدت الحسن بن علي بن محمد بن الحنفية يملي هذه الرسالة فذكرها وقال فيها ومن قول هذه السبئية هدينا لوحي ضل عنه الناس، وعلم خفى عنهم وزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتم تسعه أعشار الوحي ولو كتم صلى الله عليه وآله شيئا مما أنزل الله عليه لكتم شأن امرأة زيد، وقوله تعالى: ﴿تبتغى مرضات أزواجك﴾ (2).

(١) والسبئية هم أول فرقة قالت بالتوقف والغيبة والرجعة، وقالت بتناسخ الجزء الإلهي بعد علي رضي الله عنه . وانظر الملل والنحل للشهرستاني ١: ١٥٤، ١٥٥.
(٢) سورة التحريم ١
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303