الكلام لعامر بن الطفيل (1) مستلئما شكته (2)، راكبا جواده، وهذا الكلام الدلال المديني (3) المخنث، آخذا زمارته، متأبطا دفة.
والمح ما في " بوق الرحيل " من السفسفة واللفظ العامي الغث.
واعلم أنهم كلهم عابوا على أبى الطيب قوله:
فإن كان بعض الناس سيفا لدولة ففي الناس بوقات لها وطبول (4) وقالوا: لا تدخل لفظة " بوق " في كلام يفلح أبدا.
والمح ما على قوله: " القهقرى القهقرى " متكررة من الهجنة، وأهجن منها " أم حبو كرى " (5). وأين هذا اللفظ الحوشي الذي تفوح منه روائح الشيح والقيصوم، وكأنه من أعرابي قح قد قدم من نجد لا يفهم محاورة أهل الحضر، ولا أهل الحضر يفهمون حواره، من هذه الخطبة اللينة الألفاظ التي تكاد أن تتثنى من لينها، وتتساقط من ضعفها!
ثم المح هذه الفقر والسجعات، التي أولها " القرى " ثم " المرا " ثم " يفترى " ثم " الكرى " إلى قوله: " عبرة لمن يرى "، هل ترى تحت هذا الكلام معنى لطيفا، أو مقصدا رشيقا! أو هل تجد اللفظ نفسه لفظا جزلا فصيحا، أو عذبا معسولا! وإنما هي ألفاظ قد ضم بعضها إلى بعض، والطائل تحتها قليل جدا. وتأمل لفظة " مرا " فإنها ممدودة في اللغة، فإن كان قصرها فقد ركب ضرورة مستهجنة، وإن أراد جمع " مرية " فقد خرج