عليهم الكذب ولا التغيير ولا التبديل ولا الكتمان ولا تأخر البيان عن وقت الحاجة، ولا الغلط فيما يؤدونه عن الله تعالى، ولا السهو فيه ولا الألغاز ولا التعمية، لان كل ذلك إما أن ينقض دلالة المعجز على صدقه، أو يؤدى إلى تكليف ما لا يطاق.
وقال قوم من الكرامية والحشوية: يجوز عليهم الخطأ في أقوالهم، كما جاز في أفعالهم، قالوا: وقد أخطأ رسول الله صلى الله عليه وآله في التبليغ، حيث قال: " تلك الغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجي ".
وقال قوم منهم: يجوز الغلط على الأنبياء فيما لم تكن الحجة فيه مجرد خبرهم، لأنه لا يكون في ذلك إبطال حجة الله على خلقه، كما وقع من النبي صلى الله عليه وآله في هذه الصورة، فإن قوله ذلك بمبطل لحجة العقل في أن الأصنام لا يجوز تعظيمها، ولا ترجى شفاعتها. فأما ما كان السبيل إليه مجرد السمع فلو أمكن الغلط فيه لبطلت الحجة بإخبارهم.
وقال قوم منهم: إن الأنبياء يجوز أن يخطئوا في أقوالهم وأفعالهم، إذا لم تجر تلك الأفعال مجرى بيان الوحي، كبيانه عليه السلام لنا الشريعة، ولا يجوز عليه الخطأ في حال البيان، وإن كان يجوز عليه ذلك في غير حال البيان، كما روى من خبر ذي اليدين (1) حين سها النبي صلى الله عليه وآله في الصلاة، وكذلك ما يكون منه من تبليغ وحى، فإنه لا يجوز عليه أن يخطئ فيه، لأنه حجة الله على عباده. فأما في أقواله الخارجة عن التبليغ، فيجوز