الأشجار وألحيتها، ومغرز الأوراق من الأفنان، ومحط الأمشاج من مسارب الأصلاب، وناشئة الغيوم ومتلاحمها، ودرور قطر السحاب في متراكمها، وما تسفى الأعاصير بذيولها، وتعفو الأمطار بسيولها، وعوم بنات الأرض في كثبان الرمال، ومستقر ذوات الأجنحة بذرا شناخيب الجبال، وتغريد ذوات المنطق في دياجير الأوكار، وما أو عبته الأصداف، وحضنت عليه أمواج البحار، وما غشيته سدفة ليل، أو ذر عليه شارق نهار، وما اعتقبت عليه أطباق الدياجير، وسبحات النور، وأثر كل خطوة، وحس كل حركة، ورجع كل كلمة، وتحريك كل شفة، ومستقر كل نسمة، ومثقال كل ذرة، وهماهم كل نفس هامة، وما عليها من ثمر شجرة، أو ساقط ورقة، أو قرارة نطفة، أو نقاعة دم ومضغة، أو ناشئة خلق وسلالة، لم يلحقه في ذلك كلفة، ولا اعترضته في حفظ ما ابتدع من خلقه عارضة، ولا اعتورته في تنفيذ الأمور وتدابير المخلوقين ملالة ولا فترة، بل نفذهم علمه، وأحصاهم عدده، ووسعهم عدله، وغمرهم فضله، مع تقصيرهم عن كنه ما هو أهله.
* * * الشرح:
لو سمع النضر بن كنانة هذا الكلام لقال لقائله ما قاله علي بن العباس بن جريح، لإسماعيل بن بلبل:
قالوا أبو الصقر من شيبان قلت لهم * كلا، ولكن لعمري منه شيبان (1) وكم أب قد علا بابن ذرا شرف * كما علا برسول الله عدنان إذ كان يفخر به على عدنان وقحطان، بل كان يقر به عين أبيه إبراهيم خليل الرحمن،