هذا القول في أن المنهي عنه: هل هو عين الشجرة أو نوعها؟ مع أنه قد كان مدلولا على ذلك، لأنه لو لم يكن مدلولا على ذلك لكان تكليف الامتناع عن التناول تكليف ما لا يطاق، وإذا دل على ذلك وجب عليه النظر، ولا وجه يجب النظر لأجله إلا الخوف من تركه، وإذا لم يكن بد من كونه خائفا فهو عالم إذا بوجوب هذا التأمل والنظر، فإذا أخل به فقد وقعت منه المعصية مع علمه.
وكما لا يرضى أصحاب شيخنا أبى هاشم هذا المذهب، فكذلك لا يرتضون مذهب النظام وجعفر بن مبشر، وذلك لان القول بأن الأنبياء يؤاخذون على ما يفعلونه سهوا متناقض لان السهو يزيل التكليف، ويخرج الفعل من كونه ذنبا مؤاخذا به، ولهذا لا يصح مؤاخذة المجنون والنائم، والسهو في كونه مؤثرا في رفع التكليف جار مجرى فقد القدر والآلات والأدلة، فلو جاز أن يخالف حال الأنبياء حال غيرهم في صحة تكليفهم مع السهو، جاز أن يخالف حالهم حال غيرهم في صحة التكليف مع فقد القدر والآلات، وذلك باطل.
* * * واعلم أن الشريف المرتضى - رحمه الله تعالى - قد تكلم في كتابه المسمى " بتنزيه الأنبياء والأئمة " على هذه الآية، وانتصر لمذهب الامامية [فيها] (1)، وحاول صرفها عن ظاهرها، وتأول اللفظ بتأويل مستكره غير صحيح، وأنا أحكى كلامه هاهنا وأتكلم عليه نصرة لأصحابنا، ونصرة أيضا لأمير المؤمنين عليه السلام، فإنه قد صرح في هذا الفصل بوقوع الذنب من آدم عليه السلام، ألا ترى إلى قوله: " والمخاطرة بمنزلته " وهل تكون هذه اللفظة إلا في الذنب! وكذلك سياقه الفصل من أوله إلى آخره، إذا تأمله المنصف واطرح الهوى والتعصب. ثم إنا نذكر [كلام] (1) السيد الشريف المرتضى رحمه الله تعالى، قال رحمه الله تعالى: