أبناء العجم كتاب، دخلوا في ديننا فلبسوا ذلك اتباعا لسنة سلفهم، على كره منا فأطرق مليا إلى الأرض يقلب يده وينكت الأرض. ثم قال: عبيدنا وأتباعنا وعمالنا وكتابنا! ما الامر كما ذكرت، ولكنكم قوم استحللتم ما حرم الله عليكم، وركبتم ما عنه نهيتم، وظلمتم فيما ملكتم، فسلبكم الله العز، وألبسكم الذل، وإن له سبحانه فيكم لنقمة لم تبلغ غايتها بعد، وأنا خائف أن يحل بكم العذاب وأنتم بأرضي فينالني معكم، والضيافة ثلاث، فاطلبوا ما احتجتم إليه، وارتحلوا عن أرضى.
فأخذنا منه ما تزودنا به، وارتحلنا عن بلده. فعجب المنصور لذلك وأمر بإعادته إلى الحبس.
* * * وقد جاءنا في بعض الروايات أن السفاح لما أراد أن يقتل القوم الذين انضموا إليه من بنى أمية جلس يوما على سرير بهاشمية الكوفة (1) وجاء بنو أمية وغيرهم من بني هاشم، والقواد والكتاب، فأجلسهم في دار تتصل بداره، وبينه وبينهم ستر مسدول، ثم أخرج إليهم أبا الجهم بن عطية، وبيده كتاب ملصق، فنادى بحيث يسمعون: أين رسول الحسين ابن علي بن أبي طالب عليه السلام؟ فلم يتكلم أحد، فدخل ثم خرج ثانية فنادى: أين رسول زيد بن علي بن الحسين؟ فلم يجبه أحد، فدخل ثم خرج ثالثة، فنادى:
أين رسول يحيى بن زيد بن علي؟ فلم يرد أحد عليه، فدخل ثم خرج رابعة، فنادى: أين رسول إبراهيم بن محمد الامام؟ والقوم ينظر بعضهم إلى بعض، وقد أيقنوا بالشر، ثم دخل وخرج، فقال: لهم إن أمير المؤمنين يقول لكم: هؤلاء أهلي ولحمي، فماذا صنعتم بهم؟
ردوهم إلى أو فأقيدوني من أنفسكم. فلم ينطقوا بحرف، وخرجت الخراسانية بالأعمدة فشدخوهم عن آخرهم.
* * *