ابن عبد الله بن العباس يضرب بالسياط ما أحببتهم، ولو رأيت إبراهيم بن محمد يكره على إدخال رأسه في جراب النورة (1) لما أحببتهم، وسأحدثك حديثا إن شاء الله أن ينفعك به نفعك: لما وجه سليمان بن عبد الملك ابنه أيوب بن سليمان إلى الطائف وجه معه جماعة، فكنت أنا ومحمد بن علي بن عبد الله جدي معهم، وأنا حينئذ حديث السن، وكان مع أيوب مؤدب له يؤدبه، فدخلنا عليه يوما أنا وجدي، وذلك المؤدب يضربه، فلما رآنا الغلام أقبل على مؤدبه فضربه، فنظر بعضنا إلى بعض، وقلنا: ما له قاتله الله! حين رآنا كره أن نشمت به، ثم التفت أيوب إلينا، فقال: ألا أخبركم يا بني هاشم بأعقلكم وأعقلنا، أعقلنا من نشأ منا يبغضكم، وأعقلكم من نشأ منكم يبغضنا، وعلامة ذلك أنكم لم تسموا بمروان، ولا الوليد، ولا عبد الملك، ولم نسم نحن بعلي ولا بحسن ولا بحسين.
* * * لما انتهى عامر بن إسماعيل - وكان صالح بن علي قد أنفذه لطلب مروان - إلى بوصير مصر، هرب مروان بين يديه في نفر يسير من أهله وأصحابه، ولم يكن قد تخلف معه كثير عدد، فانتهوا في غبش الصبح إلى قنطرة هناك على نهر عميق، ليس للخيل عبور إلا على تلك القنطرة، وعامر بن إسماعيل من ورائهم، فصادف مروان على تلك القنطرة بغالا قد استقبلته، تعبر القنطرة وعليها زقاق عسل، فحبسته عن العبور حتى أدركه عامر بن إسماعيل ورهقه، فلوى مروان دابته إليهم وحارب فقتل، فلما بلغ صالح بن علي ذلك، قال: إن لله جنودا من عسل.
* * * لما نقف رأس مروان ونفض مخه، قطع لسانه وألقى مع لحم عنقه، فجاء كلب فأخذ اللسان، فقال قائل:
* * *