ثم نهاهم عن الانقياد لأهوائهم والميل إلى جهالتهم، وقال: إن من يكون كذلك، فإنه على جانب جرف متهدم، ولفظة " هار " من الألفاظ القرآنية (1).
ثم قال: ومن يكون كذلك، فهو أيضا ينقل الهلاك على ظهره من موضع إلى موضع، ليحدث رأيا فاسدا بعد رأى، فاسد، أي هو ساع في ضلال يروم أن يحتج لما لا سبيل إلى إثباته، وينصر مذهبا لا انتصار له.
ثم نهاهم وحذرهم أن يشكوا إلى من لا يزيل شكايتهم ومن لا رأى له في الدين ولا بصيرة. لينقض ما قد أبرمه الشيطان في صدورهم لإغوائهم. ويروى: " إلى من لا يشكي شجوكم، ومن ينقض برأيه ما قد أبرم لكم "، وهذه الرواية أليق، أي لا تشكوا إلى من لا يدفع عنكم ما تشكون منه، وإنما ينقض برأيه الفاسد ما قد أبرمه الحق والشرع لكم.
ثم ذكر أنه ليس على الامام إلا ما قد أوضحه من الأمور الخمسة.
ثم أمرهم بمبادرة أخذ العلم من أهله - يعنى نفسه عليه السلام - قبل أن يموت، فيذهب العلم. وتصويح النبت، كناية عن ذلك.
ثم قال: وقبل أن تشغلوا بالفتن وما يحدث عليكم من خطوب الدنيا عن استثارة العلم من معدنه واستنباطه من قرارته.
ثم أمرهم بالنهي عن المنكر، وإن يتناهوا عنه قبل أن ينهوا عنه، وقال: إنما النهى بعد التناهي.