ما يدبر أمرا إلا كان فيه خلل، ولقد وقف يوم الزاب، وأمر بالأموال فأخرجت، وقال للناس: اصبروا وقاتلوا، وهذه الأموال لكم، فجعل ناس يصيبون من ذلك المال ويشتغلون به عن الحرب، فقال لابنه عبد الله: سر في أصحابك فامنع من يتعرض لاخذ المال، فمال عبد الله برايته، ومعه أصحابه، فتنادى الناس: الهزيمة! الهزيمة! فانهزموا، وركب أصحاب عبد الله بن علي أكتافهم.
* * * لما قتل مروان ببوصير، قال الحسن بن قحطبة: أخرجوا إلى إحدى بنات مروان، فأخرجوها إليه وهي ترعد، قال: لا بأس عليك! قالت: وأي بأس أعظم من إخراجك إياي حاسرة، ولم أر رجلا قبلك قط! فأجلسها ووضع رأس مروان في حجرها، فصرخت واضطربت فقيل له: ما أردت بهذا؟ قال: فعلت بهم فعلهم بزيد بن علي لما قتلوه، جعلوا رأسه في حجر زينب بنت علي بن الحسين عليه السلام.
دخلت زوجة مروان بن محمد، وهي عجوز كبيرة على الخيزران في خلافة المهدى، وعندها زينب بنت سليمان بن علي، فقالت لها زينب: الحمد لله الذي أزال نعمتك، وصيرك عبرة! أتذكرين يا عدوة الله، حين أتاك نساؤنا يسألنك أن تكلمي صاحبك في أمر إبراهيم بن محمد، فلقيتهن ذلك اللقاء، وأخرجتهن ذلك الاخراج! فضحكت، وقالت:
أي بنت عمى! وأي شئ أعجبك من حسن صنيع الله بي عقيب ذلك، حتى أردت أن تتأسى بي فيه! ثم ولت خارجة.
* * * بويع أبو العباس السفاح بالخلافة يوم الجمعة، لثلاث عشرة ليلة خلون من شهر ربيع