إن من عبر الدنيا أن رأينا لسان مروان في فم كلب.
* * * خطب أبو مسلم بالمدينة في السنة التي حج فيها في خلافة السفاح، فقال: الحمد لله الذي حمد نفسه، واختار الاسلام دينا لعباده، ثم أوحى إلى محمد رسول الله صلى الله عليه من ذلك ما أوحى، واختاره من خلقه، نفسه من أنفسهم، وبيته من بيوتهم، ثم أنزل عليه في كتابه الناطق الذي حفظه بعلمه، وأشهد ملائكته على حقه، قوله: ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾ (1)، ثم جعل الحق بعد محمد عليه السلام في أهل بيته، فصبر من صبر منهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه على اللاواء والشدة، وأغضى على الاستبداد والإثرة. ثم إن قوما من أهل بيت الرسول صلى الله عليه، جاهدوا على ملة نبيه وسنته بعد عصر من الزمان من عمل بطاعة الشيطان وعداوة الرحمن، بين ظهراني قوم آثروا العاجل على الآجل، والفاني على الباقي، إن رتق جور فتقوه، أو فتق حق رتقوه، أهل خمور وماخور، وطنابير (2) ومزامير، إن ذكروا لم يذكروا، أو قدموا إلى الحق أدبروا، وجعلوا الصدقات في الشبهات، والمغانم في المحارم، والفئ في الغي، هكذا كان زمانهم، وبه كان يعمل سلطانهم. وزعموا أن غير آل محمد أولى بالامر منهم، فلم وبم أيها الناس! ألكم الفضل بالصحابة دون ذوي القرابة، الشركاء في النسب، والورثة، في السلب (3) مع ضربهم على الدين جاهلكم، وإطعامهم في الجدب جائعكم! والله ما اخترتم من حيث اختار الله لنفسه ساعة قط، وما زلتم بعد نبيه تختارون تيميا مرة، وعدويا مرة، وأمويا مرة، وأسديا مرة، وسفيانيا مرة، ومروانيا