لم يفتقد أولئك مصابيح الهدى وأعلام السرى، ليسوا بالمساييح ولا المذاييع البذر، أولئك يفتح الله لهم أبواب رحمته، ويكشف عنهم ضراء نقمته.
أيها الناس، سيأتي عليكم زمان يكفأ فيه الاسلام، كما يكفأ الاناء بما فيه.
أيها الناس، إن الله قد أعاذكم من أن يجور عليكم، ولم يعذكم من أن يبتليكم، وقد قال جل من قائل: (إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين) (1).
* * * قال الرضى رحمه الله تعالى:
أما قوله عليه السلام: " كل مؤمن نومة " فإنما أراد به الخامل الذكر القليل الشر، والمساييح: جمع مسياح، وهو الذي يسيح بين الناس بالفساد والنمائم، والمذاييع: جمع مذياع، وهو الذي إذا سمع لغيره بفاحشة أذاعها، ونوه بها.
والبذر: جمع بذور، وهو الذي يكثر سفهه ويلغو منطقه.
* * * الشرح:
شهد: حضر، وكفأت الاناء، أي قلبته وكببته. وقال ابن الاعرابي: يجوز أكفأته أيضا، والبذر: جمع بذور مثل صبور وصبر، وهو الذي يذيع الاسرار، وليس كما قال الرضى رحمه الله تعالى، فقد يكون الانسان بذورا وإن لم يكثر سفهه ولم يلغ منطقه، بأن يكون علنة مذياعا من غير سفه ولا لغو. والضراء: الشدة، ومثلها البأساء، وهما اسمان مؤنثان من غير تذكير، وأجاز الفراء أن يجمع على آضر وأبؤس، كما يجمع النعماء على أنعم.
* * *