على غير الوجه، كما أن راكب هذه الناقة يركبها على غير الوجه، ولهذا لم يقل: " فصار حرامها بمنزلة السدر المخضود " بل قال " عند أقوام "، فخصص.
وهذا الكلام كله محمول عند أصحابنا على التألم من كون المتقدمين تركوا الأفضل، كما قدمناه في أول الكتاب.
ثم ذكر عليه السلام أن الدنيا فانية، وأنها ظل ممدود إلى أجل معدود. ثم ذكر أن الأرض بهؤلاء السكان فيها صورة خالية من معنى، كما قال الشاعر:
ما أكثر الناس، لا بل ما أقلهم * الله يعلم أنى لم أقل فندا (1) إني لأفتح عيني ثم أغمضها * على كثير، ولكن لا أرى أحدا.
* * * ثم أعاد الشكوى والتألم فقال: أيديكم في الدنيا مبسوطة، وأيدي مستحقي الرياسة ومستوجبي الامر مكفوفة، وسيوفكم مسلطة على أهل البيت الذين هم القادة والرؤساء، وسيوفهم مقبوضة عنكم، وكأنه كان يرمز إلى ما سيقع من قتل الحسين عليه السلام وأهله، وكأنه يشاهد ذلك عيانا، ويخطب عليه ويتكلم على الخاطر الذي سنح له، والامر الذي كان أخبر به، ثم قال: إن لكل دم ثائرا يطلب القود والثائر بدمائنا ليس إلا الله وحده، الذي لا يعجزه مطلوب، ولا يفوته هارب.
ومعنى قوله عليه السلام: " كالحاكم في حق نفسه "، أنه تعالى لا يقصر في طلب دمائنا كالحاكم الذي يحكم لنفسه، فيكون هو القاضي وهو الخصم، فإنه إذا كان كذلك يكون مبالغا جدا في استيفاء حقوقه.
ثم أقسم وخاطب بنى أمية، وصرح بذكرهم أنهم ليعرفن الدنيا عن قليل في أيدي غيرهم وفي دورهم، وأن الملك سينتزعه منهم أعداؤهم، ووقع الامر بموجب إخباره عليه