(قال: أسلمت) (1) إنه أسلم يومئذ، ولم يكن من قبل ذلك مسلما، ومثل ذلك، قال اليمان ابن رباب، متكلم الخوارج.
وحكى كثير من أرباب المقالات عن شيخنا أبى الهذيل وأبى على جواز أن يبعث الله تعالى من قد ارتكب كبيرة قبل البعثة، ولم أجد في كتب أصحابنا حكاية هذا المذهب عن الشيخ أبى الهذيل، ووجدته عن أبي على، ذكره أبو محمد بن متويه في كتاب " الكفاية "، فقال: منع أهل العدل كلهم من تجويز بعثة من كان فاسقا قبل النبوة إلا ما جرى في كلام الشيخ أبى على رحمه الله تعالى من ثبوت فصل بين البعثة وقبلها، فأجاز أن يكون قبل البعثة مرتكبا لكبيرة ثم يتوب، فيبعثه الله تعالى حينئذ، وهو مذهب محكى عن عبد الله بن العباس الرامهرمزي.
ثم قال الشيخ أبو محمد رحمه الله تعالى: والصحيح من قول أبى على رحمه الله تعالى مثل ما نختاره من التسوية بين حال البعثة وقبلها في المنع من جواز ذلك.
وقال قوم من الأشعرية ومن أهل الظاهر وأرباب الحديث: إن ذلك جائز واقع، واستدلوا بأحوال إخوة يوسف. ومنع المانعون من ذلك من ثبوت نبوة إخوة يوسف، ثم هؤلاء المجوزون، منهم من جوز عليهم فعل الكبائر مطلقا، ومنهم من جوز ذلك على سبيل الندرة ثم يتوبون عنه، ويشتهر حالهم بين الخلق بالصلاح، فأما لو فرضنا (2) إصرارهم على الكبائر بحيث يصيرون مشهورين بالفسق والمعاصي، فإن ذلك لا يجوز، لأنه يفوت الغرض من إرسالهم ونبوتهم على هذا التقدير.
وقالت الامامية: لا يجوز أن يبعث الله تعالى نبيا قد وقع منه قبيح قبل النبوة