وحكى عن أبي إسحاق النظام وجعفر بن مبشر، أن ذنوبهم لا تكون إلا على سبيل السهو والنسيان، وأنهم مؤاخذون بذلك وإن كان موضوعا عن أمتهم، لان معرفتهم أقوى، ودلائلهم أكثر، وأخطارهم أعظم، ويتهيأ لهم من التحفظ ما لا يتهيأ لغيرهم.
وقالت الامامية: لا تجوز عليهم الكبائر ولا الصغائر، لا عمدا ولا خطأ، ولا سهوا ولا على سبيل التأويل والشبهة، وكذلك قولهم في الأئمة، والخلاف بيننا وبينهم في الأنبياء يكاد يكون ساقطا، لان أصحابنا إنما يجوزون عليهم الصغائر، لأنه لا عقاب عليها، وإنما تقتضي نقصان الثواب المستحق على قاعدتهم في مسألة الاحباط، فقد اعترف إذا أصحابنا بأنه لا يقع من الأنبياء ما يستحقون به ذما ولا عقابا، والامامية إنما تنفى عن الأنبياء الصغائر والكبائر من حيث كان كل شئ منها يستحق فاعله به الذم والعقاب، لان الاحباط باطل عندهم، فإذا كان استحقاق الذم والعقاب يجب أن ينفى عن الأنبياء، وجب أن ينفى عنهم سائر الذنوب، فقد صار الخلاف إذا متعلقا بمسألة الاحباط، وصارت هذه المسألة فرعا من فروعها.
* * * واعلم أن القول بجواز الصغائر على الأنبياء بالتأويل والشبهة على ما ذهب إليه شيخنا أبو علي رحمه الله تعالى، إنما اقتضاه تفسيره لآية آدم والشجرة، وتكلفه إخراجها عن تعمد آدم للعصيان، فقال: إن آدم نهى عن نوع تلك الشجرة لا عن عينها، بقوله تعالى: (ولا تقربا هذه الشجرة)، وأراد سبحانه نوعها المطلق، فظن آدم أنه أراد خصوصية تلك الشجرة بعينها، وقد كان أشير إليها فلم يأكل منها بعينها، ولكنه أكل من شجرة أخرى من نوعها، فأخطأ في التأويل. وأصحاب شيخنا أبى هاشم لا يرضون هذا المذهب ويقولون إن الاشكال باق بحاله، لان آدم أخل بالنظر على