اختيارا من أنفسهم باعتبار الألطاف المفعولة لهم، ولو كان لإبليس أو فرعون أو نمرود ألطاف يعلم الله تعالى إذا فعلها فعلوا الواجب، وامتنعوا من فعل القبيح لفعلها بهم، ولكانوا معصومين كالأنبياء والملائكة، لكنه تعالى علم أنهم لا يؤمنون ولو فعل مهما فعل، فلا لهم لطف في المعلوم، وهذا عندهم حكم عام لجميع المكلفين من الإنس والجن والملائكة.
* * * البحث الخامس في أن أي القبيلين أفضل: الملائكة أو الأنبياء؟ قال أصحابنا: نوع الملائكة أفضل من نوع البشر، والملائكة المقربون أفضل من نوع الأنبياء، وليس كل ملك عند الاطلاق أفضل من محمد صلى الله عليه وآله، بل بعض المقربين أفضل منه، وهو عليه السلام أفضل من ملائكة أخرى غير الأولين، والمراد بالأفضل الأكثر ثوابا، وكذلك القول في موسى وعيسى وغيرهما من الأنبياء.
والذي يحكيه قوم من أرباب المقالات أن المعتزلة، قالوا: إن أدنى ملك في السماء أفضل من محمد صلى الله عليه وآله ليس بصحيح عنهم.
وقال أهل الحديث والأشعرية، إن الأنبياء أفضل من الملائكة.
وقال الشيعة: الأنبياء أفضل من الملائكة، والأئمة أفضل من الملائكة.
وقال قوم منهم ومن الحشوية: إن المؤمنين أفضل من الملائكة.
* * * البحث السادس في قدم الملائكة وحدوثهم، أما الفلاسفة القائلون بأنهم العقول المفارقة، فإنهم يذهبون إلى قدم الملائكة.
وقال غيرهم من أهل الملل: إنهم محدثون.
وقال قوم من متأخري الحكماء: إن نفوس البشر إذا فارقت الأبدان بالموت بقيت قائمة بأنفسها غير مدبرة لشئ من الأبدان، فإن كانت خيرة صالحة فهي الملائكة،