فهذا لنا من كل صاحب خطبة * يقوم بها منكم ومن كل شاعر وأهل بأن يهجو بكل قصيدة * وأهل بأن يرموا بنبل فواقر قال: ففشا شعره في الناس، فغضبت الأنصار، وغضب لها من قريش قوم، منهم ضرار بن الخطاب الفهري، وزيد بن الخطاب، ويزيد بن أبي سفيان، فبعثوا إلى الوليد فجاء.
فتكلم زيد بن الخطاب، فقال: يا بن عقبة بن أبي معيط، أما والله لو كنت من الفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا، لأحببت الأنصار، ولكنك من الجفاة في الاسلام البطاء عنه، الذين دخلوا فيه بعد أن ظهر أمر الله وهم كارهون، إنا نعلم أنا أتيناهم ونحن فقراء، فأغنونا، ثم أصبنا الغنى فكفوا عنا. ولم يرزءونا شيئا. فأما ذكرهم ذلة قريش بمكة وعزها بالمدينة، فكذلك كنا، وكذلك قال الله تعالى: ﴿واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس﴾ (1) فنصرنا الله تعالى بهم، وآوانا إلى مدينتهم.
وأما غضبك لقريش فإنا لا ننصر كافرا، ولا نواد ملحدا ولا فاسقا، ولقد قلت وقالوا فقطعك الخطيب، وألجمك الشاعر.
وأما ذكرك الذي كان بالأمس، فدع المهاجرين والأنصار فإنك لست من ألسنتهم في الرضا، ولا نحن من أيديهم في الغضب.
وتكلم يزيد بن أبي سفيان فقال: يا بن عقبة، الأنصار أحق بالغضب لقتلى أحد، فاكفف لسانك، فإن من قتله الحق لا يغضب له.
وتكلم ضرار بن الخطاب، فقال: أما والله لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: