(الأئمة من قريش) لقلنا: الأئمة من الأنصار، ولكن جاء أمر غلب الرأي، فاقمع شرتك أيها الرجل، ولا تكن أمرا سوء فإن الله لم يفرق بين الأنصار والمهاجرين في الدنيا، وكذلك الله لا يفرق بينهم في الآخرة.
وأقبل حسان بن ثابت مغضبا من كلام الوليد بن عقبة وشعره، فدخل المسجد وفيه قوم من قريش، فقال: يا معشر قريش، إن أعظم ذنبنا إليكم قتلنا كفاركم، وحمايتنا رسول الله صلى الله عليه سلم، وإن كنتم تنقمون منا منة كأنت بالأمس، فقد كفى الله شرها، فما لنا وما لكم، والله ما يمنعنا من قتالكم الجبن، ولا من جوابكم العي. إنا لحى فعال ومقال، ولكنا قلنا: إنها حرب، أولها عار وآخرها ذل، فأغضينا عليها عيوننا، وسحبنا ذيولنا، حتى نرى وتروا، فإن قلتم قلنا، وإن سكتم سكتنا.
فلم يجبه أحد من قريش، ثم سكت كل من الفريقين عن صاحبه، ورضى القوم أجمعون، وقطعوا الخلاف والعصبية.
إنتهى ما ذكره الزبير بن بكار في الموفقيات ونعود الان إلى ذكر ما أورده أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة.
* * * قال أبو بكر: حدثني أبو يوسف يعقوب بن شيبه عن بحر بن آدم عن رجاله، عن سالم بن عبيد، قال: لما توفى رسول الله وقالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، أخذ عمر بيد أبى بكر، وقال: سيفان في غمد واحد! إذا لا يصلحان. ثم قال: من له هذه الثلاث؟
(ثاني اثنين إذ هما في الغار)، من هما؟ (إذ يقول: لصاحبه لا تحزن)، من صاحبه؟
(إن الله معنا) مع من؟ ثم بسط يده إلى أبى بكر فبايعه، فبايعه الناس أحسن بيعة وأجملها.