ليس ما قدر سعد كائنا * ما جرى البحر وما دام حضن ليس بالقاطع منا شعرة * كيف يرجى خير أمر لم يحن ليس بالمدرك منها أبدا غير أضغاث أماني الوسن.
* * * قال الزبير: لما اجتمع جمهور الناس لأبي بكر أكرمت قريش معن بن عدي وعويم بن ساعدة، وكان لهما فضل قديم في الاسلام، فاجتمعت الأنصار لهما في مجلس ودعوهما، فلما أحضرا أقبلت الأنصار عليهما فعير وهما بانطلاقهما إلى المهاجرين وأكبروا فعلهما في ذلك، فتكلم معن، فقال:
يا معشر الأنصار، إن الذي أراد الله بكم خير مما أردتم بأنفسكم، وقد كان منكم أمر عظيم البلاء، وصغرته العاقبة، فلو كان لكم على قريش ما لقريش عليكم ثم أردتموهم لما أرادوكم به، لم آمن عليهم منكم مثل من آمن عليكم منهم، فإن تعرفوا الخطأ فقد خرجتم منه وإلا فأنتم فيه.
قلت: قوله: (وقد كان منكم أمر عظيم، البلاء، وصغرته العاقبة)، يعنى عاقبة الكف والامساك، يقول: قد كان منكم أمر عظيم وهو دعوى الخلافة لأنفسكم، وإنما جعل البلاء معظما له، لأنه لو لم يتعقبه الامساك، لأحدث فتنة عظيمة، وإنما صغره سكونهم ورجوعهم إلى بيعة المهاجرين.
وقوله: (وكان لكم على قريش....) إلى آخر الكلام، معناه: لو كان لكم الفضل على قريش كفضل قريش عليكم، وادعت قريش الخلافة لها، ثم أردتم منهم الرجوع عن دعواهم وجرت بينكم وبينهم من المنازعة مثل هذه المنازعة التي جرت الان بينكم لم آمن عليهم منكم أن تقتلوهم، وتقدموا على سفك دمائهم، ولم يحصل لي من سكون النفس إلى