وبقى ما عليكم، واذكروا أن الله رغب لنبيكم عن مكة، فنقله إلى المدينة، وكره له قريشا، فنقله إلى الأنصار، ثم قدمنا عليهم دارهم، فقاسمونا الأموال، وكفونا العمل، فصرنا منهم بين بذل الغنى وإيثار الفقير، ثم حاربنا الناس فوقونا بأنفسهم، وقد أنزل الله تعالى فيهم آية من القرآن، جمع لهم فيها بين خمس نعم، فقال: والذين تبوءوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (1)، ألا وإن عمرو بن العاص قد قام مقاما آذى فيه الميت والحي، ساء به الواتر وسر به الموتور، فاستحق من المستمع الجواب، ومن الغائب المقت، وإنه من أحب الله ورسوله أحب الأنصار، فليكفف عمرو عنا نفسه.
قال الزبير: فمشت قريش عند ذلك إلى عمرو بن العاص، فقالوا: أيها الرجل، أما إذا غضب على فاكفف.
وقال خزيمة بن ثابت الأنصاري يخاطب قريشا:
أيال قريش أصلحوا ذات بيننا * وبينكم قد طال حبل التماحك (2) فلا خير فيكم بعدنا فارفقوا بنا * ولا خير فينا بعد فهر بن مالك كلانا على الأعداء كف طويلة * إذا كان يوم فيه جب الحوارك (3) فلا تذكروا ما كان منا ومنكم * ففي ذكر ما قد كان مشى التساوك (4) قال الزبير: وقال على للفضل: يا فضل، انصر الأنصار بلسانك ويدك فإنهم منك وإنك منهم، فقال الفضل:
قلت يا عمرو مقالا فاحشا * إن تعد يا عمرو الله فلك