عظيم في الاسلام، وهما من أول من أسلم من قريش، ولهما عبادة وفضل. فغضب للأنصار، وشتم عمرو بن العاص، وقال: يا معشر قريش، إن عمرا دخل في الاسلام حين لم يجد بدا من الدخول فيه، فلما لم يستطع أن يكيده بيده كاده بلسانه وإن من كيده الاسلام تفريقه وقطعه بين المهاجرين والأنصار. والله ما حاربناهم للدين ولا للدنيا، لقد بذلوا دماءهم لله تعالى فينا، وما بذلنا دماءنا لله فيهم، وقاسمونا ديارهم وأموالهم، وما فعلنا مثل ذلك بهم، وآثرونا على الفقر، وحرمناهم على الغنى، ولقد وصى رسول الله بهم، وعزاهم عن جفوة السلطان، فأعوذ بالله أن أكون وإياكم الخلف المضيع، والسلطان الجاني.
قلت: هذا خالد بن سعيد بن العاص، هو الذي امتنع من بيعة أبى بكر وقال:
لا أبايع إلا عليا، وقد ذكرنا خبره فيما تقدم.
وأما قوله في الأنصار: (وعزاهم عن جفوة السلطان)، فإشارة إلى قول النبي صلى الله عليه وآله: (ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تقدموا على الحوض)، وهذا الخبر هو الذي يكفر كثير من أصحابنا معاوية بالاستهزاء به، وذلك أن النعمان بن بشير الأنصاري جاء في جماعة من الأنصار إلى معاوية، فشكوا إليه فقرهم، وقالوا لقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله لنا: (ستلقون بعدي أثرة)، فقد لقيناها. قال معاوية: فماذا قال لكم؟ قالوا: قال لنا (فاصبروا حتى تردوا على الحوض)، قال: فافعلوا ما أمركم به عساكم تلاقونه غدا عند الحوض كما أخبركم، وحرمهم ولم يعطهم شيئا.
قال الزبير: وقال خالد بن سعيد بن العاص في ذلك تفوه عمرو بالذي لا نريده * وصرح للأنصار عن شناة البغض فإن تكن الأنصار زلت فإننا * نقيل ولا نجزيهم القرض بالقرض