حلمكم عنهم وصبركم عليهم، مثل ما أنا آمن عليكم منهم، فإنهم صبروا وحلموا، ولم يقدموا على استباحة حربكم والدخول في دمائكم.
* * * قال الزبير: ثم تكلم عويم بن ساعدة، فقال: يا معشر الأنصار، إن من نعم الله عليكم أنه تعالى لم يرد بكم ما أردتم بأنفسكم، فاحمدوا الله على حسن البلاء وطول العافية وصرف هذه البلية عنكم، وقد نظرت في أول فتنتكم وآخرها فوجدتها جاءت من الأماني والحسد، واحذروا النقم، فوددت أن الله صير إليكم هذا الامر بحقه فكنا نعيش فيه.
فوثبت عليهما الأنصار، فأغلظوا لهما وفحشوا عليهما، وانبرى لهما فروة بن عمرو، فقال: أنسيتما قولكما لقريش: (إنا قد خلفنا وراءنا قوما قد حلت دماؤهم بفتنتهم)، هذا والله ما لا يغفر ولا ينسى، قد تصرف الحية عن وجهها وسمها في (1) نابها. فقال معن في ذلك:
وقالت لي الأنصار إنك لم تصب * فقلت: أما لي في الكلام نصيب!
فقالوا بلى قل ما بدا لك راشدا * فقلت ومثلي بالجواب طبيب تركتكم والله لما رأيتكم تيوسا لها بالحرتين نبيب (2) تنادون بالامر الذي النجم دونه * ألا كل شئ ما سواه قريب فقلت لكم قول الشفيق عليكم * وللقلب من خوف البلاء وجيب:
دعوا الركض واثنوا من أعنة بغيكم * ودبوا فسير القاصدين دبيب وخلوا قريشا والأمور وبايعوا * لمن بايعوه ترشدوا وتصيبوا