قال الزبير: وكان خالد بن الوليد شيعة لأبي بكر، ومن المنحرفين عن علي، فقام خطيبا، فقال: أيها الناس، إنا رمينا في بدء هذا الدين بأمر، ثقل علينا والله محمله، وصعب علينا مرتقاه، وكنا كأنا فيه على أوتار، ثم والله ما لبثنا أن خف علينا ثقله، وذل لنا صعبه، وعجبنا ممن شك فيه بعد عجبنا ممن آمن به، حتى أمرنا بما كنا ننهى عنه، ونهينا عما كنا نأمر به، ولا والله ما سبقنا إليه بالعقول، ولكنه التوفيق. ألا وإن الوحي لم ينقطع حتى أحكم، ولم يذهب النبي صلى الله عليه وسلم فنستبدل بعده نبيا، ولا بعد الوحي وحيا، ونحن اليوم أكثر منا أمس، ونحن أمس خير منا اليوم، من دخل في هذا الدين كان ثوابه على حسب عمله، ومن تركه رددناه إليه، وإنه والله ما صاحب الامر - يعنى أبا بكر - بالمسؤول عنه، ولا المختلف فيه، ولا الخفي الشخص، ولا المغموز القناة.
فعجب الناس من كلامه.
ومدحه حزن بن أبي وهب المخزومي، وهو الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وآله (سهلا)، وهو جد سعيد بن المسيب الفقيه، وقال:
وقامت رجال من قريش كثيرة * فلم يك منهم في الرجال كخالد ترقى فلم يزلق به صدر نعله * وكف فلم يعرض لتلك الأوابد فجاء بها غراء كالبدر ضوءها * فسميتها في الحسن أم القلائد أخالد لا تعدم لؤي بن غالب * قيامك فيها عند قذف الجلامد كساك الوليد بن المغيرة مجده * وعلمك الأشياخ ضرب القماحد (1) تقارع في الاسلام عن صلب دينه * وفى الشرك عن أحساب جد ووالد