وفيها تصريح بالرفض مع ذلك فوجدها القادر تمره (1) الغراب، وأبرزها إلى ديوان الخلافة، فقرئ المجموع والقصيدة بمحضر من أعيان الناس من الاشراف والقضاة والمعدلين والفقهاء، ويشهد أكثرهم أنه خطه، وأنهم يعرفونه كما يعرفون وجهه، وأمر بمكاتبة شرف الدولة بذلك، فإلى أن وصل الكتاب إلى شرف الدولة بما جرى، اتصل الخبر بأبي القاسم قبل وصول الكتاب إلى شرف الدولة فهرب ليلا، ومعه بعض غلمانه، وجارية كان يهواها ويتحظاها، ومضى إلى البطيحة ثم منها إلى الموصل، ثم إلى الشام، ومات في طريقه.
فأوصى أن تحمل جثته إلى مشهد على، فحملت في تابوت، ومعها خفراء العرب حتى دفن بالمشهد بالقرب منه عليه السلام (2).
وكنت برهة أسال النقيب أبا جعفر عن القصيدة وهو يدافعني بها، حتى أملاها على بعد حين، وقد أوردت هاهنا بعضها، لأني لم أستجز ولم أستحل إيرادها على وجهها، فمن جملتها - وهو يذكر في أولها رسول الله صلى الله عليه وآله، ويقول: إنه لولا الأنصار لم تستقم لدعوته دعامة ولا أرست له قاعدة، في أبيات فاحشة كرهنا ذكرها نحن الذين بنا استجار فلم يضع * فينا، وأصبح في أعز جوار بسيوفنا أمست سخينة بركا * في بدرها كنحائر الجزار ولنحن في أحد سمحنا دونه * بنفوسنا للموت خوف العار فنجا بمهجته، فلو لا ذبنا * عنه تنشب في مخالب ضار وحمية السعدين بل بحماية السدين يوم الجحفل الجرار في الخندق المشهور إذ ألقى بها * بيد، ورام دفاعها بثمار قالا: معاذ الله إن هضيمة * لم نعطها في سالف الاعصار