عثمان بن حنيف وهو يومئذ عامل علي عليه السلام على البصرة - إلى القوم أبا الأسود الدؤلي يعلم له (1) علمهم، فجاء حتى دخل على عائشة، فسألها عن مسيرها، فقالت: أطلب بدم عثمان، قال: إنه ليس بالبصرة من قتلة عثمان أحد، قالت: صدقت، ولكنهم مع علي بن أبي طالب بالمدينة، وجئت أستنهض أهل البصرة لقتاله، أنغضب لكم من سوط عثمان ولا نغضب لعثمان من سيوفكم! فقال لها: ما أنت من السوط والسيف! إنما أنت حبيس رسول الله صلى الله عليه وآله، أمرك أن تقري في بيتك، وتتلى كتاب ربك، وليس على النساء قتال، ولا لهن الطلب بالدماء، وإن عليا لأولى بعثمان منك، وأمس رحما، فإنهما ابنا عبد مناف، فقالت: لست بمنصرفة حتى أمضى لما قدمت له، أفتظن يا أبا الأسود أن أحدا يقدم على قتالي! قال: أما والله لتقاتلن قتالا أهونه الشديد.
ثم قام فأتى الزبير، فقال. يا أبا عبد الله، عهد الناس بك، وأنت يوم بويع أبو بكر آخذ بقائم سيفك، تقول: لا أحد أولى بهذا الامر من ابن أبي طالب، وأين هذا المقام من ذاك! فذكر له دم عثمان، قال: أنت وصاحبك وليتماه فيما بلغنا! قال: فانطلق إلى طلحة فاسمع ما يقول، فذهب إلى طلحة، فوجده سادرا في غيه، مصرا على الحرب والفتنة، فرجع إلى عثمان بن حنيف، فقال: إنها الحرب، فتأهب لها!
لما نزل علي عليه السلام بالبصرة، كتبت (1) عائشة إلى زيد بن صوحان العبدي:
من عائشة بنت أبي بكر الصديق زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان، أما بعد فأقم في بيتك، وخذل الناس عن علي، وليبلغني عنك ما أحب، فإنك أوثق أهلي عندي، والسلام.
فكتب إليها: من زيد بن صوحان إلى عائشة بنت أبي بكر، أما بعد فإن الله أمرك بأمر وأمرنا بأمر، أمرك أن تقري في بيتك، وأمرنا أن نجاهد، وقد أتاني كتابك،