فقال الحجاج: صدقت، أذكر لي القوم الذين أبلوا، وصف لي بلاءهم، [فأمر الناس فكتبوا ذلك إلى الحجاج، فقال لهم المهلب: ما ذخر الله لكم خير لكم من عاجل الدنيا إن شاء الله] (1)، فذكرهم (2) المهلب على مراتبهم في البلاء، وتفاضلهم في الغناء، وقدم بنيه: المغيرة، ويزيد، ومدركا، وحبيبا، وقبيصة، والمفضل، وعبد الملك، ومحمدا، وقال: والله لو واحد يقدمهم في البلاء لقدمته عليهم، ولولا أن أظلمهم لأخرتهم. فقال الحجاج: صدقت، وما أنت أعلم بهم منى، وإن حضرت وغبت إنهم لسيوف من سيوف الله. ثم ذكر معن بن المغيرة والرقاد وأشباههما.
فقال الحجاج: من الرقاد (3)؟ فدخل رجل طويل أجنأ (4)، فقال المهلب: هذا فارس العرب، فقال الرقاد للحجاج: أيها الأمير، إني كنت أقاتل مع غير المهلب فكنت كبعض الناس، فلما صرت مع من يلزمني الصبر، ويجعلني أسوة نفسه وولده، ويجازيني على البلاء، صرت أنا وأصحابي فرسانا.
فأمر الحجاج بتفضيل قوم على قوم على قدر بلائهم، وزاد ولد المهلب ألفين ألفين، وفعل بالرقاد وبجماعة شبيها بذلك.
وقال يزيد بن حبناء من الأزارقة:
دعى اللوم إن العيش ليس بدائم * ولا تعجلي باللوم يا أم عاصم (4) فإن عجلت منك الملامة فاسمعي * مقالة معنى بحقك عالم ولا تعذلينا في الهدية إنما * تكون الهدايا من فضول المغانم