شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٢١
فقد كان من أمرنا ما قد بلغك، وكنا نحن وعدونا على حالين مختلفين، يسرنا منهم أكثر مما يسوءنا، ويسؤهم منا أكثر مما يسرهم، على اشتداد شوكتهم، فقد كان علا أمرهم حتى ارتاعت له الفتاة، ونوم به الرضيع، فانتهزت الفرصة منهم في وقت إمكانها، وأدنيت السواد من (1) السواد، حتى تعارفت الوجوه، فلم نزل كذلك حتى بلغ الكتاب أجله، فقطع دابر القوم الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين.
فكتب إليه الحجاج:
أما بعد، فقد فعل الله بالمسلمين خيرا، وأراحهم من بأس الجلاد، وثقل الجهاد، ولقد كنت أعلم بما قبلك، فالحمد لله رب العالمين، فإذا ورد عليك كتابي فاقسم في المجاهدين فيئهم، ونفل (2) الناس على قدر بلائهم، وفضل من رأيت تفضيله، وإن كانت بقيت من القوم بقية فخلف خيلا تقوم بإزائهم، واستعمل على كرمان من رأيت، وول الخيل شهما من ولدك، ولا ترخص لأحد في اللحاق بمنزله دون أن تقدم بهم على، وعجل القدوم إن شاء الله.
فولى المهلب يزيد ابنه كرمان، وقال له: يا بنى، إنك اليوم لست كما كنت، إنما لك من كرمان ما فضل عن الحجاج، ولن تحتمل إلا على ما احتمل عليه أبوك، فأحسن إلى من تبعك، وإن أنكرت من إنسان شيئا فوجه إلى، وتفضل على قومك، [إن شاء الله] (3)

(1) أي قربت ما بين الفريقين.
(2) قال المبرد: قوله: (نفل) أي أقسم بينهم، والنفل: العطية التي تفضل، كذا كان الأصل، وإنما تفضل الله عز وجل بالغنائم على عباده، قال لبيد:
إن تقوى ربنا خير نفل * وبإذن الله ريث وعجل وقال جل جلاله له: (يسألونك عن الأنفال)، ويقال: نفلتك كذا وكذا، أي أعطيتك، ثم صار النفل لازما واجبا.
(3) من الكامل
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232