إليه معاوية بالأعور السلمي يسأله، فأتاه فسأله، فقال له، فأتى معاوية فأخبره، فنادى:
الصلاة جامعة، ثم قام فخطب الناس، وقال لهم إن عليا قد نهد إليكم في أهل العراق، فما ترون؟ فضرب الناس بأذقانهم على صدورهم، لا يتكلمون، فقام ذو الكلاع الحميري فقال: عليك أم رأى وعلينا أم فعال، وهي لغة حمير (1).
فنزل، ونادى في الناس بالخروج إلى معسكرهم، وعاد إلى علي عليه السلام، فأخبره فنادى: الصلاة جامعة، ثم قام فخطب الناس، فأخبرهم أنه قدم عليه رسول كان بعثه إلى الشام، وأخبره أن معاوية قد نهد إلى العراق في أهل الشام، فما الرأي؟
قال: فاضطرب أهل المسجد، هذا يقول: الرأي كذا، وهذا يقول: الرأي كذا، وكثر الغط واللجب، فلم يفهم علي عليه السلام من كلامهم شيئا، ولم يدر المصيب من المخطئ، فنزل عن المنبر، وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون! ذهب بها ابن أكالة الأكباد (2) - يعنى معاوية.
* * * وروى ابن ديزيل عن عقبة بن مكرم، عن يونس بن بكير، عن الأعمش، قال:
كان أبو مريم صديقا لعلى عليه السلام، فسمع بما كان فيه علي عليه السلام من اختلاف أصحابه عليه، فجاءه، فلم يرع عليا عليه السلام إلا وهو قائم على رأسه بالعراق، فقال له: أبا مريم، ما جاء بك نحوي؟ قال: ما جاء بي غيرك، عهدي بك لو وليت أمر الأمة كفيتهم، ثم سمعت بما أنت فيه من الاختلاف! فقال: يا أبا مريم، إني منيت بشرار خلق الله، أريدهم على الامر الذي هو الرأي، فلا يتبعونني.
* * *