وقال آخر:
أرق لأرحام أراها قريبة * لحار بن كعب لا لجرم وراسب (1) وإنا نرى أقدامنا في نعالهم * وآنفنا بين اللحى والحواجب وإقدامنا يوم الوغى وإباءنا * إذا ما أبينا لا ندر لعاصب * * * حاصرت الترك مدينة برذعة من أعمال أذربيجان في أيام هشام بن عبد الملك حصارا شديدا، واستضعفتها وكادت تملكها، وتوجه إليها لمعاونتها سعيد الحرشي من قبل هشام بن عبد الملك في جيوش كثيفة، وعلم الترك بقربه منهم فخافوا، وأرسل سعيد واحدا من أصحابه إلى أهل برذعة سرا يعرفهم وصوله، ويأمرهم بالصبر خوفا ألا يدركهم، فسار الرجل، ولقيه قوم من الترك، فأخذوه وسألوه عن حاله، فكتمهم فعذبوه، فأخبرهم وصدقهم فقالوا: إن فعلت ما نأمرك به أطلقناك، وإلا قتلناك، فقال:
ما تريدون؟ قالوا: أنت عارف بأصحابك ببرذعة وهم يعرفونك، فإذا وصلت تحت السور فنادهم: إنه ليس خلفي مدد، ولا من يكشف ما بكم، وإنما بعثت جاسوسا. فأجابهم إلى ذلك، فلما صار تحت سورها، وقف حيث يسمع أهلها كلامه، وقال لهم: أتعرفونني؟
قالوا: نعم، أنت فلان ابن فلان، قال: فإن سعيدا الحرشي قد وصل إلى مكان كذا في مائة ألف سيف، وهو يأمركم بالصبر وحفظ البلد، وهو مصبحكم أو ممسيكم، فرفع أهل برذعة أصواتهم بالتكبير، وقتلت الترك ذلك الرجل، ورحلوا عنها ووصل سعيد فوجد أبوابها مفتوحة وأهلها سالمين.
وقال الراجز:
من كان ينوى أهله فلا رجع فر من الموت وفي الموت وقع