ولا عداوة، وإنما يقتضى الولاية ماله من الافعال ظاهر جميل، ويقتضي العداوة ماله ظاهر قبيح.
فإن قال: أردت بالمحتمل ماله ظاهر لكنه يجوز أن يكون الامر بخلاف ظاهره.
قيل له: ما ذكرته لا يسمى محتملا، فإن كنت عنيته فقد وضعت العبارة في غير موضعها، ولا شك في أنه إذا كان ممن لو أخبرنا بأنه فعل الفعل على أحد الوجهين لوجب تصديقه، وحمل الفعل على خلاف ظاهره، فإن الواجب لما تقرر له في النفوس أن يتأول له ويعدل بفعله عن الوجه القبيح إلى الوجه الجميل، إلا أنه متى توالت منه الافعال التي لها ظواهر قبيحة فلا بد أن تكون مؤثرة في تصديقه، متى خبرنا بأن غرضه في الفعل خلاف ظاهره، كما تكون مانعة من الابتداء بالتأول.
وضربه المثل بأن من نراه يكلم امرأة حسناء في الطريق إذا أخبر أنها أخته أو امرأته في أن تصديقه واجب، ولو لم يخبر بذلك لحملنا كلامه لها على أجمل الوجوه، لما تقدم له في النفوس، صحيح، إلا أنه لابد من مراعاة ما تقدم ذكره، من أنه قد يقوى الامر لقوة الامارات والظواهر إلى حد لا يجوز معه تصديقه ولا التأول له، ولولا أن الامر قد ينتهى إلى ذلك لما صح أن يخرج أحد عندنا من الولاية إلى العداوة، ولا من العدالة إلى خلافها، لأنه لا شئ مما يفعله الفساق المتهتكون إلا ويجوز أن يكون له باطن بخلاف الظاهر، ومع ذلك فلا يلتفت إلى هذا التجويز، يبين صحة ما ذكرناه أنا لو رأينا من يظن به الخير يكلم امرأة حسناء في الطريق ويداعبها ويضاحكها لظننا به الجميل مرة ومرات، ثم ينتهى الامر إلى ألا نظنه. وكذلك لو شاهدناه وبحضرته المنكر، لحملنا حضوره على الغلط أو الاكراه أو غير ذلك من الوجوه الجميلة. ثم لا بد من انتهاء الأمر إلى أن نظن به القبيح ولا نصدقه في كلامه.