أجمل الوجوه، وإن كان بخلاف الظاهر، بل ربما تبين الامر فيما يقع (1) منه من الافعال التي ظاهرها القبيح إلى أن تؤثر أحواله المقررة، ونرجع بها عن ولايته، ولهذا نجد كثيرا من أهل العدالة المتقررة لهم في النفوس، ينسلخون منها حتى يلحقوا بمن لا تثبت له في وقت من الأوقات عدالة، وإنما يكون ذلك بما يتوالى منهم ويتكرر من الافعال القبيحة الظاهرة.
قال: فأما ما استشهد به من أن مثل مالك بن دينار لو شاهدناه في دار فيها منكر لقوي في الظن حضوره لأجل التغيير والانكار (2)، أو على وجه الاكراه والغلط وأن غيره يخالفه في هذا الباب، فصحيح لا يخالف ما ذكرناه، لان مثل مالك بن دينار، ممن تناصرت أمارات عدالته وشواهد نزاهته حالا بعد حال، لا يجوز أن يقدح فيه فعل له ظاهر قبيح، بل يجب لما تقدم من حاله أن نتأول فعله، ونخرجه عن ظاهره إلى أجمل وجوهه.
وإنما وجب ذلك لان الظنون المتقدمة أقوى وأولى بالترجيح والغلبة، فنجعلها قاضية على الفعل والفعلين، ولهذا متى توالت منه الافعال القبيحة الظاهرة وتكررت، قدحت في حاله، وأثرت في ولايته، كيف لا يكون كذلك وطريق ولايته في الأصل هو الظن والظاهر، ولا بد من قدح الظاهر في الظاهر، وتأثير الظن في الظن على بعض الوجوه.
قال: فأما قوله: فإن كل محتمل لو أخبرنا عنه وهو مما يغلب على الظن صدقه أنه فعله على أحد الوجهين، وجب تصديقه، فمتى عرف من حاله المتقررة في النفوس ما يطابق ذلك جرى مجرى الاخبار (3)، فأول ما فيه أن المحتمل هو مالا ظاهر له من الافعال، والذي يكون جواز كونه قبيحا كجواز كونه حسنا، ومثل هذا الفعل لا يقتضى ولاية