قال: وذلك أن شيخنا أبا على (1) رحمه الله تعالى قد قال: لو كانت هذه الاحداث مما توجب طعنا على الحقيقة، لوجب من الوقت الذي ظهر ذلك من حاله أن يطلب المسلمون رجلا ينصب للإمامة وأن يكون ظهور ذلك عن عثمان كموته، فإنه لا خلاف أنه متى ظهر من الامام ما يوجب خلعه، أن الواجب على المسلمين إقامة إمام سواه، فلما علمنا أن طلبهم لإقامة إمام إنما كان بعد قتله، ولم يكن من قبل والتمكن قائم، علمنا بطلان ما أضيف إليه من الاحداث.
قال: وليس لأحد أن يقول: إنهم لم يتمكنوا من ذلك، لان المتعالم من حالهم أنهم حصروه ومنعوه من التمكن من نفسه، ومن التصرف في سلطانه، خصوصا والخصوم يدعون أن الجميع كانوا على قول واحد في خلعه والبراءة منه.
قال: ومعلوم من حال هذه الاحداث أنها لم تحصل أجمع في الأيام التي حوصر فيها وقتل، بل كانت تحصل من قبل حالا بعد حال، فلو كان ذلك يوجب الخلع والبراءة لما تأخر من المسلمين الانكار عليه، ولكان كبار الصحابة المقيمون بالمدينة أولى بذلك من الواردين من البلاد، لان أهل العلم والفضل بإنكار ذلك أحق من غيرهم.
قال: فقد كان يجب على طريقتهم أن تحصل البراءة والخلع من أول الوقت الذي حصل منه ما أوجب ذلك، وألا ينتظر حصول غيره من الاحداث، لأنه لو وجب انتظار ذلك لم ينته إلى حد إلا وينتظر غيره.
ثم ذكر أن إمساكهم عن ذلك إذا تيقنوا الاحداث منه يوجب نسبة الجميع إلى الخطا والضلال. ولا يمكنهم أن يقولوا: أن علمهم بذلك إنما حصل في الوقت الذي حصر ومنع، لان من جملة الاحداث التي يذكرونها ما تقدم عن هذه الحال، بل كلها أو جلها تقدم هذا الوقت، وإنما يمكنهم أن يتعلقوا فيما حدث في هذا الوقت بما يذكرونه من