قال: ثم نقول (1) له: أخبرنا عمن شاهدناه من بعد وهو مفترش امرأة نعلم أنها ليست له بمحرم، وأن لها في الحال زوجا غيره، وهو ممن تقررت له في النفوس عدالة متقدمة، ما ذا يجب أن نظن به؟ وهل نرجع بهذا الفعل عن ولايته، أم نحمله على أنه غالط ومتوهم أن المرأة زوجته، أو على أنه مكره على الفعل، أو غير ذلك من الوجوه الجميلة!
فإن قال: نرجع عن الولاية، اعترف بخلاف ما قصده في الكلام، وقيل له: أي فرق بين هذا الفعل وبين جميع ما عددناه من الافعال وادعيت أن الواجب أن نعدل عن ظاهرها؟ وما جواز الجميل في ذلك الا كجواز الجميل في هذا الفعل.
وإن قال: لا أرجع بهذا الفعل عن ولايته (2)، بل نؤوله على بعض الوجوه الجميلة.
قيل له: أرأيت لو تكرر هذا الفعل وتوالى هو وأمثاله حتى نشاهده حاضرا في دور القمار ومجالس اللهو واللعب ونراه يشرب الخمر بعينها، وكل هذا مما يجوز أن يكون عليه مكرها وفى أنه القبيح بعينه غالطا، أكان يجب علينا الاستمرار على ولايته أم العدول عنها؟ فإن قال: نستمر ونتأول، ارتكب ما لا شبهة في فساده، وألزم ما قد قدمنا ذكره من أنه لا طريق إلى الرجوع عن ولاية أحد ولو شاهدنا منه أعظم المناكير. ووقف أيضا على أن طريق الولاية المتقدمة إذا كان الظن دون القطع، فكيف لا نرجع عنها لمثل هذا الطريق، فلا بد إذن من الرجوع إلى ما بيناه وفصلناه في هذا الباب.
قال: فأما قوله: إن قول الإمام له مزية، لأنه آكد من غيره فلا معنى له، لان قول الإمام على مذهبنا يجب أن يكون له مزية من حيث كان معصوما مأمون (3) الباطن، وعلى مذهبه إنما تثبت ولايته بالظاهر كما تثبت ولاية غيره من سائر المؤمنين، فأي مزية له في هذا الباب!