محارب بن خصفة بن قيس بن عيلان، يقال له سعيد ولم يختلفوا في اجتماعهم (1) على عبد الله بن وهب الراسبي، وأنه امتنع عليهم وأومأ إلى غيره فلم يقنعوا إلا به، فكان إمام القوم، وكان يوصف برأي. فأما أول سيف سل من سيوف الخوارج فسيف عروة بن أدية، وذاك أنه أقبل على الأشعث، فقال له: ما هذه الدنية يا أشعث؟ وما هذا التحكيم؟ أشرط أوثق من شرط الله عز وجل! ثم شهر عليه السيف، والأشعث مول، فضرب به عجز بغلته.
قال أبو العباس: وعروة بن حدير هذا من النفر الذين نجوا من حرب النهروان، فلم يزل باقيا مدة من أيام معاوية، ثم أتى به زياد ومعه مولى له، فسأله عن أبي بكر وعمر فقال خيرا، فقال له: فما تقول في أمير المؤمنين عثمان، وفى لابن أبي تراب؟ فتولى عثمان ست سنين من خلافته ثم شهد عليه بالكفر، وفعل في أمر علي (ع) مثل ذلك إلى أن حكم ثم شهد عليه بالكفر، ثم سأله عن معاوية فسبه سبا قبيحا، ثم سأله عن نفسه، فقال له:
أو لك لزنية (2)، وآخرك لدعوة، وأنت بعد عاص لربك. فأمر به فضربت عنقه، ثم دعا مولاه فقال له: صف لي أموره، قال أطنب أم أختصر؟ قال: بل اختصر، قال:
ما أتيته بطعام بنهار قط، ولا فرشت له فراشا بليل قط (3)!
قال أبو العباس: وسبب تسميتهم الحرورية أن عليا (ع) لما ناظرهم بعد مناظرة ابن عباس إياهم، كان فيما قال لهم: ألا تعلمون أن هؤلاء القوم لما رفعوا المصاحف، قلت لكم: إن هذه مكيدة ووهن (4)، وأنهم لو قصدوا إلى حكم المصاحف لأتوني، وسألوني التحكيم! أفتعلمون أن أحدا كان أكره للتحكيم منى؟ قالوا: صدقت، قال: فهل تعلمون أنكم استكرهتموني على ذلك حتى أجبتكم إليه، فاشترطت أن حكمهما نافذ ما حكما