إذا لم يغلب على ظن الناهي عن المنكر أن نهيه لا يؤثر، فإن غلب على ظنه أن نهيه لا يؤثر، قبح إنكار المنكر، لأنه إن كان الغرض تعريف فاعل القبيح قبح ما أقدم عليه، فذلك حاصل من دون الانكار وإن كان الغرض ألا يقع المنكر، فذلك غير حاصل، لأنه قد غلب على ظنه أن نهيه وإنكاره لا يؤثر، ولذلك لا يحسن من الانسان الانكار على أصحاب المآصر (1) ما هم عليه من أخذ المكوس، لما غلب على الظن أن الانكار لا يؤثر، وهذا يقتضي أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام قد غلب على ظنه أن إنكاره لا يؤثر، فلذلك لم ينكر.
ولأجل اشتباه هذا الكلام على السامعين، قال كعب بن جعيل، شاعر أهل الشام الأبيات التي منها (2):
أرى الشام تكره أهل العراق * وأهل العراق لهم كارهونا (3) وكل لصاحبه مبغض * يرى كل ما كان من ذاك دينا إذا ما رمونا رميناهم * ودناهم مثل ما يقرضونا (4) وقالوا علي إمام لنا * فقلنا رضينا ابن هند رضينا وقالوا نرى أن تدينوا لنا * فقلنا ألا لا نرى أن ندينا (5) ومن دون ذلك خرط القتاد * وطعن وضرب يقر العيونا (6)