في دياركم عمله، ويبلغ بتخلفكم عن جهاده أمله، وصرخ بهم الشيطان إلى باطله فأجابوه وندبكم الرحمن إلى حقه فخالفتموه، وهذه البهائم تناضل عن ذمارها، وهذه الطير تموت حمية دون أوكارها، بلا كتاب أنزل عليها، ولا رسول أرسل إليها. وأنتم أهل العقول والأفهام، وأهل الشرائع والاحكام تندون من عدوكم نديد الإبل، وتدرعون له مدارع العجز والفشل، وأنتم والله أولى بالغزو إليهم، وأحرى بالمغار عليهم لأنكم أمناء الله على كتابه، والمصدقون بعقابه وثوابه، خصكم الله بالنجدة والبأس، وجعلكم خير أمه أخرجت للناس، فأين حمية الايمان؟ وأين بصيرة الإيقان؟ وأين الاشفاق من لهب النيران؟ وأين الثقة بضمان الرحمن؟ فقد قال الله عز وجل في القرآن:
" بلى إن تصبروا وتتقوا " (1)، فاشترط عليكم التقوى والصبر، وضمن لكم المعونة والنصر، أفتتهمونه في ضمانه؟ أم تشكون في عدله وإحسانه؟ فسابقوا رحمكم الله إلى الجهاد بقلوب نقية، ونفوس أبية، وأعمال رضية، ووجوه مضية، وخذوا بعزائم التشمير، واكشفوا عن رءوسكم عار التقصير، وهبوا نفوسكم لمن هو أملك بها منكم، ولا تركنوا إلى الجزع فإنه لا يدفع الموت عنكم، " لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا " (2). فالجهاد الجهاد أيها الموقنون، والظفر الظفر أيها الصابرون! والجنة الجنة أيها الراغبون! والنار النار أيها الراهبون! فإن الجهاد أثبت قواعد الايمان، وأوسع أبواب الرضوان، وأرفع درجات الجنان، وإن من ناصح الله لبين منزلتين مرغوب فيهما، مجمع على تفضيلهما: أما السعادة بالظفر في العاجل، وأما الفوز بالشهادة في الآجل، وأكره المنزلتين إليكم أعظمهما نعمة