أنا أبو شبل في عريسة الأسد، والله إن شئتم لنعيدنها جذعة.
فقال عمر: إذن يقتلك الله، قال: بل إياك يقتل.
فقال أبو عبيدة: يا معشر الأنصار، إنكم أول من نصر، فلا تكونوا أول من بدل وغير.
فقام بشير بن سعد، والد النعمان بن بشير فقال: يا معشر الأنصار، ألا إن محمدا من قريش، وقومه أولى به، وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الامر.
فقال أبو بكر: هذا عمر وأبو عبيدة بايعوا أيهما شئتم، فقالا: والله لا نتولى هذا الامر عليك وأنت أفضل المهاجرين، وخليفة رسول الله صلى الله عليه في الصلاة، وهي أفضل الدين، ابسط يدك، فلما بسط يده ليبايعاه، سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه، فناداه الحباب بن المنذر: يا بشير، عققت (1) عقاق أنفست على ابن عمك الامارة (2)!
فقال أسيد بن حضير (3) رئيس الأوس لأصحابه: والله لئن لم تبايعوا ليكونن للخزرج عليكم الفضيلة أبدا، فقاموا فبايعوا أبا بكر.
فانكسر على سعد بن عبادة والخزرج ما اجتمعوا عليه، وأقبل الناس يبايعون أبا بكر من كل جانب، ثم حمل سعد بن عبادة إلى داره، فبقي أياما، وأرسل إليه أبو بكر ليبايع، فقال: لا والله - حتى أرميكم بما في كنانتي، وأخضب سنان رمحي، وأضرب بسيفي ما أطاعني وأقاتلكم بأهل بيتي ومن تبعني، ولو اجتمع معكم الجن والإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربى.
فقال عمر لا تدعه حتى يبايع، فقال، بشير بن سعد: إنه قد لج، وليس بمبايع لكم