من أن آخر يوم من شوال يسمى فلتة من حيث إن من لم يدرك فيه الثأر، فإنه قول لا نعرفه، والذي نعرفه انهم يسمون الليلة التي ينقضي بها آخر الأشهر الحرم ويتم، فلتة، وهي آخر ليلة من ليالي الشهر، لأنه ربما رأى الهلال قوم لتسع وعشرين ولم يبصره الباقون، فيغير هؤلاء على أولئك وهم غارون (1)، فلهذا سميت تلك الليلة فلتة. على أنا قد بينا أن مجموع الكلام يقتضي ما ذكرناه من المعنى، لو سلم له ما رواه عن أهل اللغة في احتمال هذه اللفظة.
قال: وقد ذكر صاحب كتاب،، العين،، أن الفلتة الامر الذي يقع على غير إحكام، فقد صح أنها موضوعة في اللغة لهذا، وإن جاز الا تختص به، بل تكون لفظة مشتركة.
وبعد، فلو كان عمر لم يرد بقوله توهين بيعة لابن أبي بكر، بل أراد ما ظنه المخالفون لكان ذلك عائدا عليه بالنقص، لأنه وضع كلامه في غير موضعه، وأراد شيئا فعبر عن خلافة، فليس يخرج هذا الخبر من أن يكون طعنا على لابن أبي بكر، إلا بان يكون طعنا على عمر (2) * * * واعلم أنه لا يبعد ان يقال: إن الرضا والسخط، والحب والبغض، وما شاكل ذلك، من الأخلاق النفسانية وإن كانت أمورا باطنه، فإنها قد تعلم ويضطر الحاضرون إلى حصولها بقرائن أحوال تفيدهم العلم الضروري، كما يعلم خوف الخائف وسرور المبتهج.
وقد يكون الانسان عاشقا لآخر فيعلم المخالطون لهما ضرورة أنه يعشقه، لما يشاهدونه من قرائن الأحوال، وكذلك يعلم من قرائن أحوال العابد المجتهد في العبادة، وصوم الهواجر وملازمة الأوراد، وسهر الليل، انه يتدين بذلك. فغير منكر أن يقول قاضي القضاة رحمه الله