فلقي بها امرأ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم الكلبي - وهم أصهار الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام - فكانوا أدلاءه في الطريق وعلى المياه فلم يزل مغذا في أثر الضحاك، حتى لقيه بناحية تدمر، فواقعه فاقتتلوا ساعة، فقتل من أصحاب الضحاك تسعة عشر رجلا، وقتل من أصحاب حجر رجلان، وحجز الليل بينهم. فمضى الضحاك، فلما أصبحوا لم يجدوا له ولأصحابه أثرا. وكان الضحاك يقول بعد: أنا ابن قيس، أنا أبو أنيس! أنا قاتل عمرو بن عميس.
* * * قال: وكتب في أثر هذه الوقعة عقيل بن أبي طالب إلى أخيه أمير المؤمنين عليه السلام، حين بلغه خذلان أهل الكوفة وتقاعدهم به:
لعبد الله علي أمير المؤمنين عليه السلام. من عقيل بن أبي طالب. سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإن الله حارسك من كل سوء، وعاصمك من كل مكروه، وعلى كل حال، إني قد خرجت إلى مكة معتمرا، فلقيت عبد الله بن سعد بن أبي سرح في نحو من أربعين شابا من أبناء الطلقاء، فعرفت المنكر في وجوههم، فقلت: إلى أين يا أبناء الشانئين! أبمعاوية تلحقون! عداوة والله منكم قديما غير مستنكرة، تر يدون بها إطفاء نور الله، وتبديل أمره. فأسمعني القوم وأسمعتهم، فلما قدمت مكة، سمعت أهلها يتحدثون أن الضحاك بن قيس أغار على الحيرة، فاحتمل من أموالها ما شاء، ثم انكفأ راجعا سالما. فأف لحياة في دهر جرأ عليك الضحاك!
وما الضحاك! فقع بقرقر (1)! وقد توهمت حيث بلغني ذلك أن شيعتك و أنصارك خذلوك، فاكتب إلى يا بن أمي برأيك فإن كنت الموت تريد، تحملت إليك ببني أخيك،