فقابل بين " هاتا " وبين " تلك "، وهي مقابلة معنوية لا لفظية، لان " هاتا " للحاضرة، و " تلك " للغائبة، والحضور ضد الغيبة.
وإما مقابلة الشئ لما ليس بضده، فإما أن يكون مثلا أو مخالفا.
والأول على ضربين: مقابلة المفرد بالمفرد، ومقابلة الجملة بالجملة.
مثال مقابلة المفرد بالمفرد قوله تعالى: " نسوا الله فأنساهم أنفسهم " (1)، وقوله:
" ومكروا مكرا ومكرنا مكرا " (2)، هكذا قال نصر الله بن الأثير.
قال: وهذا مراعى في القرآن الكريم إذا كان جوابا كما تقدم من الآيتين، وكقوله:
" وجزاء سيئة سيئة مثلها " (3)، وقوله: " من كفر فعليه كفره " (4).
قال: وقد كان يجوز إن يقول: " من كفر فعليه ذنبه "، لكن الأحسن هو إعادة اللفظ، فأما إذا كان غير جواب لم تلزم فيه هذه المراعاة اللفظية، بل قد تقابل اللفظة بلفظة تفيد معناها، وإن لم تكن هي بعينها، نحو قوله تعالى: " ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون " (5)، فقال: " يفعلون " ولم يقل " يعملون ".
وكذلك قوله تعالى: " ففزع منهم قالوا لا تخف " (6)، ولم يقل: " قالوا لا تفزع ".
وكذلك قوله تعالى: " إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون " (7)، ولم يقل: " كنتم تخوضون وتلعبون ".